الإمام علي الرضا (عليه السلام)
الإمام علي ابن الإمام موسى الكاظم، وأمه تسمى نجمة من أفضل النساء عقلاً وتقوى، كنيته (أبو الحسن)، ولقبه (الرضا). ولد في 11 ذي القعدة عام (148) في المدينة. ومدة إمامته عشرون عاماً من سنة 183 إلى 203 هجرية.
وخلفاء زمان إمامته
هارون الرشيد والأمين والمأمون.
زمان ومكان شهادته:
آخر صفر 203، وعمره 55 عاماً، استشهد بسمّ دسّه المأمون، ومرقده الشريف في مدينة مشهد في إيران. وتقسم حياته لثلاث مراحل:
1- ما قبل الإمامة من عام 148 إلى 183 أي (35) عاماً .
2- مرحلة الإمامة في المدينة (17) عاماً. 3- مرحلة الإمامة في خراسان ثلاث سنوات وهي من أهم مراحله السياسية. واصل الإمام (عليه السلام) الجهاد العلمي ونشر علوم أهل البيت (عليه السلام) وتجاهر بإمامته وخاصة في فترة الصراع بين الأمين والمأمون حيث كثر عدد الشيعة والعلويين، واظهر الكثير رفضهم وتمردهم على النظام العباسي. ولكن حاول المأمون امتصاص النقمة الشيعية من خلال التظاهر ببعض الممارسات ليقضي على أرضية التمرد والانتفاضات عليه وخاصة بعد اتساع شهرة الإمام ونفوذه، لذلك جعله ولي العهد من بعده، وجلبه من المدينة إلى مرو لأجل ذلك، وفي الطريق رأى النظام العباسي مدى توجه الناس واستقبالهم الكبير للإمام، وخاصة في نيشابور حيث ألقى (عليه السلام) حديث سلسلة الذهب في الجماهير الغفيرة عن الرسول (عليه السلام)، وخلاصة معناه: حدثني أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه علي بن
الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله (ص) عن جبرائيل قال سمعت ربّ العزّة يقول:
كلمة لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن عذابي، لكن بشروطها وأنا من شروطها. أي أنه لابد من الإيمان بالتوحيد والنبوة والإمامة وولاية أهل البيت (عليهم السلام) فهو الحق وهو سبيل السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة. وإنما قبل الإمام (عليه السلام) ولاية العهد، كما قبل الإمام الحسن (عليه السلام) الصلح، فإنه كان مضطراً إليه، حيث أنه كان مهدداً بالقتل لو لم يقبل، بالإضافة إلى أنه (عليه السلام) إنما قبلها بشروط، منها عدم تدخله في شؤون الخلافة وتعيين الأفراد في المناصب أو عزلهم، حيث كشف للجميع أنه مجبور على ذلك، وحتى يسقط القناع عن بعض مخططات العباسيين، لأنه (عليه السلام) كان يعلم بأنها خطة يقصد من خلالها التوصل لبعض الأطماع، لذلك حاول الإمام (عليه السلام) إفشالها، من خلال شروطه، وسلوكه ومواقفه بعد ولاية العهد، وقد استخدمها وسيلة لنشر مبادئ أهل البيت (عليهم السلام)، والكشف عن زيف النظام وانحرافاته للمسلمين كما فعل قبل الإمام الحسن (عليه السلام) في صلحه مع معاوية.
وقد فزع النظام من توجه الناس للإمام وخاصة حين كلّفه المأمون لإقامة صلاة العيد في مرو، ولما خرج أقبل عليه الناس من كل جانب، حتى قال:
"الفضل بن سهل للمأمون:
إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس وخفنا كلنا على دمائنا"، فأنفذ إليه أن يرجع فرجع. ولذلك خطط المأمون لقتله بعد أن فشلت جميع الأساليب في الحد من نفوذه لذلك دسّ إليه السمّ بالعنب. كما صرح بذلك أيضاً بعض علماء السنة في كتاب خلاصة تذهيب الكمال في أسماء الرجال عن سنن ابن ماجة، وكذلك في تهذيب التهذيب، والطبري. وهذا مما يدل على عدم تنازل الإمام للمأمون وعدم صدق المأمون في ولاية العهد، وكذلك فإن هذه الولاية قد أفشلت مخططات النظام الحاكم. وذكرت له بعض الآثار:
1- ما كتبه إلى محمد بن سنان في جواب مسائله عن علل الأحكام.
2- العلل كما نقله عنه الفضل بن شاذان.
3- ما كتبه إلى المأمون من محض الإسلام، وشرائع الدين. وهذه الثلاثة نقلها الصدوق في عيون أخبار الرضا.
4- الرسالة الذهبية في الطب.
5- ما كتبه إلى المأمون في جوامع الشريعة.
6- صحيفة الرضا. من هنا نعرف أن الإمام (عليه السلام) قد ساهم مساهمة فعّالة في الحركة العلمية في زمانه، فقد أُتيح له أن يتحرك في شتى الميادين، كما ركّز على فلسفة الأحكام الشرعية، يظهر ذلك من الروايات المروية عنه حول هذا المضمون. وتركيزه على قضايا الطب والصحة. كما برزت عنايته بمحاورة أصحاب الفرق والأديان الأخرى، وتتلمذ على يده كبار العلماء من مختلف المذاهب، وأشاد بفضله كبار رجال السياسية. وقد أقر الجميع بتفرّده علمياً في جميع مجالات المعرفة. ونقف قليلاً مع نص له (عليه السلام) يتحدث فيه الإمام (عليه السلام) عن مفهوم الإمام، يقول (عليه السلام):
"الإمام كالشمس الطالعة المجلّلة بنورها للعالم، وهو بالأفق حيث لا تناله الأبصار والأيدي. الإمام:
البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الطالع، والنجم الهادي في غيابات الدجى، والدليل على الهدى، والمنجي من الردى. الإمام:
أمين الله تعالى في خلقه، وحجته على عباده، وخليفته في بلاده، والداعي إلى الله، والذابّ عن حريم الله". ومن كلماته وحكمه القصار قوله (عليه السلام):
"أحسنوا جوار النعم، فإنّها وحشية ما نأت عن قوم فعادت إليهم". "لا يعدم المرء دائرة السوء مع نكث الصفقة، ولا يعدم تعجيل العقوبة مع إدراع البغي".