سليم بن قيس الهلالي ( رضوان الله عليه )
كان من محدّثي التابعين ، وعلمائهم ، وعظمائهم ، وهو من أصحاب أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين ، وزين العابدين ، والباقر ( عليهم السلام ) . ورد سليم بن قيس المدينة في سن الصبا أيام الخليفة الثاني ، وتعرّف على أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) أمثال :
( أبو ذر ، سليمان ، المقداد ) ، وسألهم الشيء الكثير عن أخبار الرسول وسيرته وبقي يحتفظ بتلك الأخبار في ذاكرته ، بسبب منع تدوين الحديث أيام عمر وعثمان . وفي زمن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أصبحت الفرصة سانحة له فقام بتدوين الحقائق التي كان يحفظها . كان في زمن أمير المؤمنين من ( شرطة الخميس ) ، وعُدّ من السبّاقين في التأليف وضبط الحقائق والتاريخ . ويعتبر كتابه - الذي جاء في كتب التراجم والمصادر بعناوين متنوّعة - من أهمّ كتب الشيعة ، وسمّاه بعض العلماء : ( أصل من أكبر كتب الاُصول ) ، والذي هو الآن موجود في أيدينا وعنوانه : ( كتاب سُليم بن قيس الهلالي ) مع كثرة نسخه وطرقه ، دار حوله كلام بين علماء الرجال ، منذ زمن بعيد . فذهب بعضهم إلى أنّه موضوع أساساً ، ورأى بعض آخر أنّ نسبته إلى سليم ثابتة لا غبار عليها ، وحاول هؤلاء الإجابة عن الإشكالات والشبهات المثارة عليه . واحتاط آخرون فقالوا : إنّه مدسوس ، وحكموا عليه بأنّ فيه الثابت والمشكوك فيه ، والحسن والرديء ، والصحيح والسقيم .
مع هذا كلّه ، فإنّ سُليماً نفسه لا قدح فيه ، إذ كان من الشخصيّات المتألّقة في تاريخ التشيّع ، ومن الموالين الأبرار للأئمّة ( عليهم السلام ) ، ومن أحبّاء آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأودّائهم . اشترك في حرب الجمل وصفين والنهروان مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وفي زمن الإمام الحسن والإمام الحسين ( عليهما السلام ) كان من أنصارهما ، ويُرجح أنه كان سجيناً في أيام واقعة الطف . بعد شهادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) أصبح من أنصار الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، وبسبب اضطهاد الحجّاج للشيعة هاجر إلى بلاد فارس ، وتوفي فيها سنة 76 هـ .