she3a-4ever
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
she3a-4ever

الســلام عليك يـا أباعيد الله الحسـين
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيل

 

 معركة الخندق واستنطاق التجربة في الحاضر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
she3e-4ever
Admin



عدد الرسائل : 124
العمر : 30
تاريخ التسجيل : 08/09/2008

معركة الخندق واستنطاق التجربة في الحاضر Empty
مُساهمةموضوع: معركة الخندق واستنطاق التجربة في الحاضر   معركة الخندق واستنطاق التجربة في الحاضر Icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 10, 2008 4:23 pm

معركة الخندق واستنطاق التجربة في الحاضر


يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً* إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا* هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً* وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً* وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً* ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سُئِلوا الفتنة لأتوْها وما تلبثوا بها إلا يسيراً* ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار وكان عهد الله مسؤولاً* قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتّعون إلا قليلاً} [الأحزاب:9ـ16]. {ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً* من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلاً} [الأحزاب:22ـ23].

نزلت هذه الآيات لتتحدث عن معركة فاصلة حاسمة بين المشركين والمسلمين، وهي معركة الخندق، وتسمى بمعركة الأحزاب، والتي حدثت في شهر شوّال. ونحن إذ نستعرض بشكل سريع هذه المعركة، فمن أجل أن نقارن بين واقع المسلمين في الماضي وبين واقعهم في الحاضر، وطبيعة الأوضاع التي كانت تسيطر على تلك المرحلة من حياة المسلمين، سواء لجهة الدور الذي لعبه أعداء الإسلام والجهات المندسّة في داخل المجتمع الإسلامي من المنافقين والذين في قلوبهم مرض ممن كانوا يمثلون القوة النفاقية التي تنسق مع المشركين وتعمل على إثارة الفتنة في داخل الواقع الإسلامي، أو لجهة نصر الله المسلمين بعد أن أصيبوا بزلزال نفسي وخوف حقيقي، ومن بعد حصار لم يشهدوا له مثيلاً في كل تاريخ صراعهم مع المشركين، لكن الله سبحانه وتعالى كان معهم وهيّأ لهم العوامل الطبيعية التي ساهمت في تحقيق الانتصار، في حين كانت مفاجأة للمشركين وصدمة كبيرة لهم.



الإمداد الغيبـي

فالله تعالى يبدأ هذه الآيات بعرض الواقعة: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها}، عندما هاجمتهم جنود المشركين وحلفاؤهم من اليهود، كانت النتيجة أن أرسل الله عليهم ريحاً قاسية شاتية أثارت الرمال، فأضحى الإنسان معها لا يرى صاحبه، ما أفقدهم التماسك، وجعل أبو سفيان يأمر جنوده بالرحيل. ويحدّثنا الله سبحانه وتعالى أنه أرسل جنوداً لم يروها، وهي كناية عن الملائكة التي عملت على إيجاد نوع من التوازن في الموقف، ولم يبين الله لنا الطريقة، لأنه غيب من غيب الله أخبرنا الله به ولا نملك تفاصيله، ولذلك فإن علينا أن نؤمن به وإن لم نعرف كلَّ مفرداته ودقائقه. ويصوِّر القرآن الكريم لنا كيف كانت حالة المسلمين، لأنه يريد أن يعطينا الصورة حتى نتمثلها في المستقبل في كل صراعاتنا مع أعداء الله، وهذه هي قيمة القصة القرآنية التي لا تريد أن تدخلنا في التفاصيل كلها على طريقة القصص التي يلهو بها الناس، ولكنها تريد أن تركز على مفاصل القضايا التي يمكن أن تحدث في أية حالة من الحالات، ليتعلم المسلمون على مدى التاريخ كيف يواجهون الحالات المماثلة، وبالطريقة التي لا يسقطون فيها أمام الحصار والضغط، بل يتطلعون إلى غيب الله بالإضافة إلى ما يتحركون فيه.

إنّ المشكلة التي قد يعيشها المسلمون وغيرهم من الناس أنهم يرتبطون بالجانب الحسي من الأشياء، يعني دائماً أننا نُدخل في الحسابات ما يملك العدو وما نملك نحن، العدو أقوى منّا سلاحاً ونحن أضعف منه، العدوّ يملك امتدادات في الساحة الدولية ونحن لا نملك مثل هذه الامتدادات، العدو يجتمع على باطله ونحن نتفرق عن حقنا، فالله سبحانه وتعالى لا يمنعنا من أن ندخل في الحسابات المادية، ولكنه يعرّفنا أن هنالك حالة غيبية إلهية، يجب أن ننفتح من خلالها على الله، ولكن بعد أن نصبح على أتمِّ حالات الاستعداد لنقول له انصرنا على القوم الكافرين، لنقول له أعطنا من غيبك، كما فعل المسلمون في بدر: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدّكم بألفٍ من الملائكة مردفين} [الأنفال:9]. ومن هنا، علينا كمسلمين، ومن خلال إيماننا بالله سبحانه وتعالى، في كل تاريخ صراعاتنا، أن لا نغفل الإمداد الغيبي الذي يمد الله به عباده المؤمنين إذا أخلصوا له. ولو فكّر كل واحد منّا في كل تاريخ حياته، لرأى أن الله سبحانه وتعالى كان يرعاه بطريقة لم يحسب لها حساباً، وكان يرزقه من حيث لا يحتسب، وكان يحرسه من حيث لا يحترس، وكان يخلّصه من البلاء في الوقت الذي يظن فيه أنه ليس هناك خلاصٌ من البلاء، ليدرس كل واحد منكم تاريخ حياته، وسيجد أن في حياته إمداداً غيبياً إلهياً لا يعرف من أين أتى، وكيف تحرك. هذا الإمداد الغيبي الإلهي هو أمرٌ يمثل الحقيقة، إن على مستوى واقع المسلمين الفردي، أو على مستوى واقعهم الجماعي، ولهذا نجد أن الله يقول: {ومن يتّقِ الله يجعل له مخرجاً* ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق:2ـ3]، قد يبتلينا الله، ولكنّه في الوقت نفسه يخرجنا من مآزق كثيرة ومن مشاكل كبيرة، لا ندري عوامل نشوئها والمؤثرات التي تركتها؟!

لقد أودع الله في الحياة سنناً كونية وقوانين طبيعية، ولكن الله لم يجعل الناس يعيشون تحت ضغط هذه السنن والقوانين بشكل حديدي، بل إنه سبحانه وتعالى يهيىء لهم سبيل الفرج والرحمة {سيجعل الله بعد عسرٍ يسراً} [الطلاق:7] {إن مع العسر يسرا} [الشرح:6] {لا تقنطوا من رحمة الله} [الزمر:53] {ولا تيأسوا من روح الله} [يوسف:87]. ويركِّز سبحانه وتعالى دائماً على هذا المعنى، وأن على الإنسان أن يعيش على أساس أن لا تضغط عليه الأشياء المادية. ولهذا لا يمكن لمؤمن أن ينتحر، لأن مسألة الانتحار إنما تنطلق عندما يختنق الإنسان في ظروفه من كل جهة، والإنسان المؤمن لا يمكن أن يختنق أبداً {يا بنيّ اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} [يوسف:87]. ولهذا، أحب أن أخاطب الشباب قبل الكبار، لأن تجارب الكبار في الحياة تجعلهم يحسون بسعتها أكثر من الشباب، خصوصاً من كان منهم في سنّ المراهقة، ولم يملك تجربة كبيرة في الحياة، فيتصور أنها محصورة في جانب دون غيره من الجوانب، فيما الحياة تتسع لكل المراحل، من الضيق إلى السعة، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الشقاء إلى السعادة، ولذلك فإن عملية اليأس ليست واقعية من خلال طبيعة الحياة، لكن بعض الناس هو من يسجن نفسه في دائرة لا يسعى للخروج منها إلى دائرة أخرى، على الرغم من توفر الفرص والظروف. وفي مسألة الإيمان بالله، فإن الكون كله يتسع لك، لأن {الله على كل شيء قدير}، إذ لا مشكلة إلا ولها حلّ، فالله لا يمكن أن يبتلينا دون أن يوجد لنا حلولاً لمشاكلنا، لكنه سبحانه وتعالى لا يتصرف في الكون على أساس مصلحة الفرد، وإنما يتصرف على أساس المصلحة العامة والحكمة العامة للناس. وقد يرى سبحانه أن من المصلحة العامة أن يبتليك دون أن يحل لك المشكلة، وفي هذا الإطار لا تستطيع أن تقول إن هذه المشكلة لا حلّ لها، لأن {الله على كل شيء قدير}، وأن يعمل الله أو لا يعمل فهذا راجع إلى حكمته سبحانه وتعالى.





الزلـزال الشديـد

كانت وقعة الخندق تمثل مشكلة من أصعب المشاكل التي مرت على المسلمين، ولذلك سنحاول أن نرسم صورة الواقع الذي سبق وقوعها، لنلج بعد ذلك إلى الآيات لنعيش أجواءها، حيث كان مجتمع المدينة يضم في تشكيلته ـ عندما هاجر الرسول(ص) ـ إلى جانب الأوس والخزرج عدداً من القبائل اليهودية من بني قريظة وبني القينقاع وبني النضير، وكان هؤلاء يمتلكون مواقع استراتيجية مهمة، كما كان يوجد خارج المدينة اليهود من غطفان وخيبر والمشركين من القبائل، خاصة قريش. ولما كان رسول الله(ص) يعطي الأولوية في صراعه للمشركين، فإنه عندما دخل المدينة أقام معاهدة بين اليهود وبين المهاجرين ومختلف عوائل المدينة، وكانت بذلك أوّل وثيقة تركز معنى الدولة، وعلى هذا الأساس دخل اليهود في عهد مع النبي(ص) الذي كان عندما يخرج إلى الغزوات يشعر بالاطمئنان لوجود هذا العهد، بحيث لا ينقضه هؤلاء، لأن هناك تعايشاً بينهم وبين المسلمين آنذاك، ولكن بعض اليهود من بني النضير أو من آخرين فكّر أن بمستطاعه أن يخلق حرباً جديدة بين المشركين وبين النبي(ص) حسب رواية، أو كما جاء في رواية أخرى، حيث كان المشركون يفكرون بالهجوم على المدينة واقتلاع الإسلام من مواقعه الأساسية، وجاء اليهود ليثيروهم، أو لينسِّقوا معهم، ورحبت قريش باليهود الذين لعبوا دوراً مثيراً في قضية الصراع، حتى أنه يقال بأن قريشاً عندما سألت اليهود عن الأهدى، فجاء رد اليهود بأنكم الأهدى، وقد قال تعالى عن هذه المسألة: {ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً} [النساء:51]. وقد زجّت قريش كلّ طاقاتها في المعركة، يعضدها أحلافها في الجزيرة العربية، بعد أن انضمّت إليها جماعات اليهود، ولم يبق إلا بنو قريظة خارج هذا التحالف، لأنها كانت مرتبطة بميثاقٍ مع المسلمين، ولذا حاول اليهود من بني النضير دفع قريظة إلى نقض العهد مع النبي(ص)، فامتنعت عن ذلك، ولكن الاستمرار في حالات الإقناع مكّنهم أخيراً من إقناعها بنقضه، بعد أن أغروهم بأن محمداً سيسقط جراء الحشد الهائل الذي تقدمت به قريش وأحلافها في المدينة. سمع النبي(ص) بالذي حصل، فأرسل شخصاً ليتأكد من صحة القضية التي سرعان ما اكتشف بأنها صحيحة، وهنا أصبح الاحتراز واجباً {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم}، ما جعل المسلمين يعيشون حالةً من الإرباك، لأنهم أصبحوا محاصرين من جميع الجهات، وعاشوا الرعب والخوف {وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر}، حيث كان يشعر الشخص عندما يرتجف قلبه ويخفق خفقات سريعة، كأن قلبه وصل إلى حنجرته من شدة الاهتزاز، وهذا ما أدخل المسلمين في حالة من الظن بالله {وتظنون بالله الظنونا}، إذ فقدوا كل أمل لهم بالنصر وهم على هذه الحال من الحصار المستحكم، كما فقدوا الأمل بالبقاء.





حـرج المنافقيـن

كانت هذه محطة ابتلاء {هنالك ابتلي المؤمنون ـ في هذا الواقع الجديد ـ وزلزلوا زلزالاً شديداً ـ زلزالاً نفسياً ـ وإذ يقول المنافقون ـ الذين وقعوا في حرج شديد، ما جعلهم يستغيثون بهذا وذاك ليركزوا مفاهيمهم ويخربوا الحالة الإيمانية في نفوس المؤمنين إن استطاعوا ـ والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً ـ فهم عندما وجدوا أنهم لا يستطيعون حراكاً من بيوتهم شككوا بأقوال النبي(ص) الذي كان يعدهم بأنهم سيصلون إلى مدائن كسرى وقيصر ـ وإذ قالت طائفة منهم ـ من هؤلاء المنافقين والذين في قلوبهم مرض ـ يا أهل يثرب ـ وهو اسم المدينة قبل أن تسمى بالمدينة ـ لا مقام لكم ـ لا مجال لكم ـ فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي ـ تحت ستار أن البيوت مكشوفة، لكي يسمح لهم النبي(ص) بالخروج من المعركة ـ يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة ـ وقد كانوا يبغون من ذلك الفرار ـ إن يريدون إلا فراراً* ولو دخلت عليهم من أقطارها ـ يعني جاءوا من جميع الجوانب ـ ثم سئلوا الفتنة لأتوها ـ أما في حال طلب منهم أن يخلقوا الفتنة في داخل المجتمع المسلم للتنسيق مع المشركين لجاءوا مسرعين ـ وما تلبثوا بها إلا يسيراً ـ يقول هؤلاء الناس الذين يخافون ويستأذنون النبي ـ ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار ـ أن يبقوا صامدين في وجه التحديات ـ وكان عهد الله مسؤولاً* قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل ـ فلو فررتم من الموت أو القتل فإن الموت ملاقيكم {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} [آل عمران:154] ـ {وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً}.



الأسـوة الحسنـة

ويعطينا الله سبحانه وتعالى صورة الجانب الآخر: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ـ كيف كان صامداً وقوياً وصلباً، فلم يهتز ولم يسقط، مع أنه كان هو المقصود بالدرجة الأولى من كل هذه الأحزاب، وعليكم أن تقتدوا به لتكونوا الأقوياء كما هو قوي، وتكونوا في مواقع الصلابة والشجاعة كما كان هو في مواقع الصلابة والشجاعة ـ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً* ولما رأى المؤمنون الأحزاب} هذه الأحزاب التي اجتمعت من كل البلاد {قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله}، بأننا سنجابه كل المشركين وكل أعداء الله، لأنه سبحانه وتعالى كتب علينا الجهاد، لذلك قال ستدعون إلى قوم {أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون} [الفتح:16]. وفي مواجهة التحديات {وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً}، إذ لا يسقط المؤمن أمام كل التحديات، لانفتاحه على الله سبحانه وتعالى، على طريقة نبي المؤمنين وإمامهم الذي يقول لصاحبه: {لا تحزن إن الله معنا}.



مواجهة الاختراق بحفر الخندق

قدّم القرآن الكريم لنا الصورة التي استطاع فيها المشركون أن يخترقوا المسلمين، ومواجهة المسلمين لهذا الاختراق، وهذه حالة موجودة في حياة كل المؤمنين المجاهدين الذين قد يخترق العدو صفوفهم من خلال بعض نقاط الضعف، فيسيطر على مواقعهم، وهنا لا بد أن يستعدوا ليواجهوا هذا الاختراق بطريقة يجعلون فيها العدو يلاقي الهزيمة. وهذا ما واجهه النبي محمد(ص) بمشاورة أصحابه، كما كان الله سبحانه وتعالى يأمر بذلك {وشاورهم في الأمر} [آل عمران:159] فأشار عليهم سلمان الفارسي(رض) بحفر الخندق لعدم الالتحام مع العدو كما كان متبعاً في بلاد فارس، فأخذ النبي(ص) بهذه الفكرة، وبدأ المسلمون بحفر الخندق وهو على رأسهم، واستكمل حفر الخندق، وما إن وصل المشركون إلى المدينة حتى فوجئوا به، لأن هذه الطريقة في الحرب لم تكن مألوفة من قبل لدى العرب. بدأ المشركون يفكرون باقتحامه، خاصة وأن القتال اقتصر على النبل والحجارة التي كان يرميها كل فريق على الآخر، ولكن كان هناك منطقة ضيقة في الخندق سمحت لعمرو بن عبد ود ومعه عدة أشخاص من اجتياز الخندق، ولكن بعضهم سقط في الخندق فرماه المسلمون وقتلوه. وعمرو هذا كان أحد أبطال العرب، وربما جرح في بدر، ونذر أنه سينتقم ويقتل محمداً(ص)، وقد لبث طوال هذه المدة يداوي جراحاته، أو أن هناك ظروفاً قد حالت دون اشتراكه في الحروب التي سبقت الخندق. ولعلّ ـ عمراً كما كل المشركين ـ كان يتصور أن المسلمين لا يستطيعون مقاومة هذه الحملة، وبذلك يتحقق ما قطعه على نفسه من قتل محمد(ص)، ولذلك ما إن اجتاز الخندق حتى وقف قائلاً للمسلمين بسخرية، إذا كنتم تقولون إن مَنْ يُقْتل منكم يذهب إلى الجنة، فمن يحب أن يذهب إلى الجنة، فأنا مستعد أن أقتله، وهو يصول ويجول ويرتجز ويقول: لقد بححت من النداء بجمعكم هل من مبارز



معركة الإيمان والشرك

والنبي(ص) يقول: "من لعمرٍ وقد ضمنت له على الله الجنة"، فلا يقوم أحدٌ إلا علي، فقال له: إجلس، ثم قال: أنا له يا رسول الله، وهكذا كان ينادي رسول الله(ص)، ولا يقوم أحدٌ إلا علي، والنبي(ص) يأمره بالجلوس، حتى قال له في المرة الثالثة: "أنت له"، وكما جاء في كتب السيرة بأنه قال: "برز الإيمان كله إلى الشرك كله"، وذلك لأن هذه المعركة تعتبر معركة فاصلة، فإذا قتل عمرٌ انهزم الشرك، وإذا قتل علي انهزم الإسلام والإيمان، لأن الجماعة كانوا غير مستعدين لقتال شخص مثل عمرو نتيجة الوضع النفسي الذي كانوا يعيشونه، وقد دعا الرسول(ص) لعلي: "ربي لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين"، لأن النبي(ص) كان سيشعر بالوحدة لو قتل علي(ع)، ولأن لعلي شأناً عند النبي(ص) ليس لأحد من المسلمين مثل هذا الشأن، لأنه كان أخاه كما كان صهره، وكانا يتناجيان، حتى قال النبي(ص): "أنا مدينة العلم وعلي بابها"، وحتى قال علي(ع): "علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب"، فعلي بن أبي طالب ليس مجرد صهر للنبي(ص)، بل كان يمثل الرفيق الذي يدخل على النبي في كل أسراره وفي كل قضاياه، كما كان النبي(ص) يعطيه ذلك كله. وانطلق علي(ع)، فقال له عمرو: من أنت؟ قال(ع): أنا علي بن أبي طالب، قال: لقد كان أبوك صديقاً لي وأنا لا أحب أن أقتلك، فليبرز لي غيرك، قال له(ع): ولكني أحب أن أقتلك، لأن الموقع ليس موقع علاقات شخصية، بل موقع رسالة، واشتدت العصبية بعمر، ويقال إن الإمام علي(ع) قال له: "إن كنت تقول ما دعاني أحد من العرب ممن أريد أن أبارزه إلى ثلاث خصال إلا أجبته إلى واحدة، قال له: نعم، فقال علي(ع): أولاً: أن تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لأننا لا نريد أن نقاتل أحداً إلا بعد أن ندعوه إلى الإسلام ونقيم عليه الحجة، قال له: دع هذه، لو أردنا أن نقولها لقلناها بمكة، قال إذاً أن ترجع بهذا الجيش من حيث أتيت، قال: ماذا تقول عني نساء قريش، بأني جئت ولم أفِ بنذري، هذا ليس وارداً، ثم قال: أن تنزل للبراز، أنت فارس وأنا راجل، وذلك حتى نكون في وضع متكافىء. وكانت النتيجة أن صرع علي(ع) عمراً وقتله وفرّ من كان معه من الرجال ووقع بعضهم في الخندق، ثم جاءت الريح العاتية الشاتية القوية العاصفة، وخرّبت كل تشكيلات قريش والأحزاب، {وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال}. وتقول بعض التفاسير إن المقصود {وكفى الله المؤمنين القتال} بعلي، لأن هزيمة عمرٍ وسقوطه هو الذي جعل المسلمين لا يحتاجون إلى أن يدخلوا القتال، لأن الهزيمة وقعت {فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها}. اكتسب المسلمون قوة بذلك، ما مكّن النبي(ص) أن يندفع فيما بعد إلى بني قريظة فيجليهم عن المدينة، وبذلك لم يبقَ فيها أحد من اليهود، أما الذين كانوا في خيبر فقد استطاع النبي(ص) أن يهزمهم بعد ذلك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://she3a-4ever.mam9.com
 
معركة الخندق واستنطاق التجربة في الحاضر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
she3a-4ever :: ¤©§][§©¤][قـــســـم الإســــلامـــــي][¤©§][§©¤ :: حروب في ذاكره التاريخ-
انتقل الى: